الخيانة هناك لا تحتاج إلى خنجرٍ، يكفي إيميل منسوب إليك، أو تقرير مكتوب بلهجة “الحرص المهني” او مكالمة لإبلاغ من يهمه الأمر بشئ ما !في بيئة العمل، يبدو الجميع جنودًا في جيشٍ واحد، لكن الحقيقة أن بعضهم يمسك بخنجرٍ في جيبه الخلفي.
إنه لا يهاجمك، بل ينتظرك حتى تنشغل بالقهوة… ثم يطعن.
وبعدها، يربّت على كتفك ويقول: “شدّ حيلك يا بطل، إحنا فريق واحد.
”الخيانات في بيئة العمل لا تأتي من الأعداء، بل من الزملاء الذين يتقنون فن “الاهتمام الزائد”.يبدأ الأمر بمجاملةٍ لطيفة عن مشروعك، ثم اقتباسٍ عابر لفكرتك، ثم تصريحٍ رسمي باسمهم عنها في الاجتماع مع المدير !
وإن تجرأت بالاعتراض، سيسألك المدير بابتسامةٍ من النوع الإداري القاتل:“مش المهم مين قالها؟ المهم إننا ننجح كفريق.
”يا سلام! كأن النجاح يُغسل بماء النسيان، وكأن الأفكار تُوزَّع حسب ترتيب الكراسي لا العقول.
والمدهش الذى يدعو للانبهار ، أن الخائن في بيئة العمل لا يرى نفسه خائنًا، بل يرى نفسه “ذكيًا”، و”استراتيجيًا”، و”يقرأ بين السطور”.إنه مؤمن بأن الأخلاق تصلح للمحافل الثقافية، لا للاجتماعات التنفيذية!
أما أنت — الغافل النبيل — فستقضي يومك تحاول فهم ما حدث: كيف سُرقت فكرتك؟كيف تغيّر موقف المدير فجأة؟وكيف صار زميلك الذي بالأمس كان يطلب مساعدتك… هو اليوم سارق مجهودك وفكرتك ؟
فتكتشف أن الخيانة، في بيئة العمل، لا تحتاج إلى دروس في المكر بقدر ما تحتاج إلى ضمير في الإجازة المرضية.
وفي النهاية، لا تحزن يا صديقي، فالخيانات المهنية مثل القهوة الرديئة في المكاتب: مرّة… لكنها توقظك.
تجعلك تفهم أن الطيبة دون وعي ليست فضيلة، بل عقد توظيف مجاني لخدمة الخبثاء.
تعلمك أن الثقة عملة نادرة، وأن من يبتسم لك كل صباح يفعل ذلك ليتأكد أنك لم تكتشف بعد أنه سرقك وخانك ومع ذلك، لا تفقد إنسانيتك.
كن نبيلاً… ولكن بحذر.فالتاريخ يكتبه المنتبهون لا الطيبون.فالخيانات في بيئة العمل لا تقتل، لكنها تعيد ترتيب المقاعد…
وتذكّر: في كل مكتب، هناك من يضع “قيم العمل الجماعي” على الجدار، بينما يضع “السكين” في الدرج.



