عمي السيد، الرجل لم يكن بحاجة لإضافة إسم والده ليعرفه التلاميذ أو أهل قريتنا، يكفي أن تقول..عمي السيد.
وعمي السيد حضر حربي ٦٧ و ٧٣، وكانت مكافأته من الدولة وظيفة ( عامل ) في المدرسة الإبتدائية.
كان جاداً وحازماً ونشيطاً، ربما بسبب الفترة الطويلة التي قضاها في الجيش، كان يتقمص دور القائد في بعض الأحيان، يدير الطابور، ويعلمنا تمارين الصباح، صوته العالي في طابور الصباح كان يسمعه نصف أهل القرية، حتى أن المارة كانوا يتجمعون أمام المدرسة ليشاهدوا إدارته لطابور الصباح، والقواعد التي وضعها لتحية العلم، وللتلاميذ الذين تأخروا عن الطابور، وهؤلاء كانوا يعاقبون بطريقة مختلفة، يجوب بهم عمي السيد حوش المدرسة والشوارع المحيطة بها لتنظيفها.
عمي السيد كان يتعامل معنا كأب، صارم إذا تعلق الأمر بالسلوكيات والمذاكرة..وليناً إذا تعلق الأمر بمشكلة أسرية لتلميذ، يثق فيه أولياء الأمور، والمدرسين، ويعول عليه في كل الأمور التي تخص المدرسة بداية من الكتب ومرتبات المدرسين وإنتهاءً بالطباشير.
كان يبني سور المدرسة بنفسه، ويزرع الأشجار المحيطة به ويرعاها، ويعرف مستوى كل التلاميذ، حتى أننا كنا نخشى غضبته عندما يرانا نلعب في الشارع ونهمل المذاكرة.
تذكرت عمي السيد عندما شاهدت وجوه الذئاب الثلاثة الذين اعتدوا جنسياً على خمسة أطفال في مدرسة دولية.
المدرسة وهي المكان الآمن..يعتدي فرد الأمن على أطفالها، ويشاركه رجل ستيني من العمال، وآخر خمسيني.
هؤلاء الذين غيبتهم المخدرات..أو سكن الشيطان عقولهم وماتت ضمائرهم..إستمروا في ممارسة فعلتهم الشنيعة إلى أن لاحظت سيدة تغييراً في سلوك صغيرها، ثم إكتشفت الجريمة وكتبت على أحد جروبات مدينة العبور، لينضم إليها أمهات لأربعة أطفال آخرين إكتشفن نفس التغيير في سلوك أطفالهن، فبدأت المواجهة مع المدرسة، وتم القبض على الذئاب الثلاثة.
مجتمعنا ليس ملائكياً ، ولا يوجد مجتمع بهذا الشكل، لكن..أن تصل الجريمة إلى هذا الحد..فهذا يؤكد أن المجتمع شابه ما يستدعي وقفة لإعادة صياغته.
ملحوظة ( ١ )
قبل ثماني سنوات..كنت مستشاراً إعلامياً لوزارة التربية والتعليم ومتحدثاً بإسمها، وكان من بين شروط عمل العمال والسائقين في المدارس..إجراء بعض الفحوصات ومنها تحليل المخدرات، فهل أجرت هذه المدرسة الدولية الفحوصات اللازمة للعمال والسائقين ؟
ملحوظة ( ٢ )
هل تكتفي وزارة التربية والتعليم بوضع المدرسة تحت الإشراف المالي والإداري ؟
ملحوظة ( ٣ )
عمي السيد رحمه الله كان عاملاً بمدرسة حكومية، والعمال الذين ارتكبوا الجريمة يعملون بمدرسة دولية، الأولى مصروفاتها جنيهات..والثانية مصروفاتها عشرات الآلاف من الجنيهات.
كل عام وانتم بخير 2025


