بقلم: الإعلامي خالد سالم نائب الأمين العام لاتحاد الإعلاميين الأفريقي الآسيوي
يقف الإعلام المصري اليوم أمام تحديات غير مسبوقة في ظل الثورة الرقمية والتحولات الجذرية التي يشهدها المشهد الإعلامي العالمي.
ومع ذلك، تظل مصر تمتلك مقومات قوية تؤهلها لاستعادة دورها الريادي في الإعلام العربي والإقليمي، شريطة أن نتبنى رؤية شاملة ومتكاملة للنهوض بهذا القطاع الحيوي.
التحديات الراهنة لا يمكننا الحديث عن النهوض بالإعلام المصري دون الاعتراف بالتحديات التي تواجهه، والتي تتمثل في التنافس الشرس مع المنصات الرقمية العالمية، وهجرة الجمهور الشاب نحو وسائل التواصل الاجتماعي، إضافة إلى محدودية الموارد المالية والتقنية في بعض المؤسسات الإعلامية، فضلاً عن الحاجة الملحة لتطوير المحتوى ليواكب متطلبات العصر.
ركائز النهوض الإعلامي أولاً: الاستثمار في الكوادر البشرية يبقى العنصر البشري هو الركيزة الأساسية لأي نهضة إعلامية حقيقية.
يتطلب الأمر إنشاء أكاديميات إعلامية متخصصة تواكب أحدث التطورات العالمية، وتوفير برامج تدريبية مستمرة للإعلاميين الحاليين على التقنيات الحديثة والإعلام الرقمي، مع تشجيع الإبداع والابتكار ومكافأة التميز المهني.
ثانياً: التحول الرقمي الكامل لم يعد التحول الرقمي خياراً بل ضرورة حتمية.
يجب تطوير منصات رقمية متطورة للمؤسسات الإعلامية المصرية، والاستثمار في تقنيات الذكاء الاصطناعي وتحليل البيانات لفهم الجمهور بشكل أفضل، مع إنتاج محتوى متعدد الوسائط يناسب مختلف المنصات الرقمية.
ثالثاً: تطوير المحتوى المحتوى هو الملك، وهنا تكمن المعركة الحقيقية.
نحتاج إلى التركيز على الجودة وليس الكم فقط، وإنتاج محتوى يعكس الهوية المصرية الأصيلة مع الانفتاح على العالم، وتقديم مواد إعلامية تجمع بين الترفيه والتثقيف والتوعية، مع الاهتمام بالقضايا الشبابية والمعاصرة.
رابعاً: الشراكات الإقليمية والدوليةمن موقعي في اتحاد الإعلاميين الأفريقي الآسيوي، أدرك أهمية بناء جسور التعاون الإعلامي مع الدول الشقيقة والصديقة.
يتعين علينا تعزيز التبادل الإعلامي والثقافي مع الدول الأفريقية والآسيوية، والاستفادة من التجارب الناجحة في مختلف دول العالم، وإنشاء شبكات إعلامية إقليمية قوية تعزز الصوت المصري.
خامساً: الاستقلالية والمهنية لا يمكن لأي إعلام أن ينهض دون الالتزام بأعلى معايير المهنية والمصداقية.
نحتاج إلى تعزيز ثقافة الشفافية والمساءلة، واحترام أخلاقيات المهنة والميثاق الشرفي للإعلاميين، مع تقديم محتوى متوازن يحترم تعددية الآراء.
دور القطاع الخاص لا يمكن إغفال دور القطاع الخاص في النهوض بالإعلام المصري.
يجب تشجيع الاستثمارات الخاصة في المجال الإعلامي من خلال تسهيل الإجراءات وتوفير بيئة جاذبة، وإنشاء صناديق دعم للمشروعات الإعلامية المبتكرة، وتشجيع ريادة الأعمال في القطاع الإعلامي.
البعد الأفريقي والآسيويتمتلك مصر موقعاً استراتيجياً فريداً يربط بين أفريقيا وآسيا، وهذا يحتم علينا تعزيز الحضور الإعلامي المصري في هاتين القارتين الحيويتين.
يمكننا إنتاج محتوى مشترك يعكس القضايا المشتركة، وإنشاء قنوات متخصصة تستهدف الجمهور الأفريقي والآسيوي، وتنظيم مؤتمرات ومنتديات إعلامية دورية تجمع الإعلاميين من القارتين.
النهوض بالإعلام المصري ليس مسؤولية جهة واحدة، بل هو مشروع وطني يتطلب تضافر جهود الحكومة والقطاع الخاص والإعلاميين والمجتمع المدني.
نمتلك كل المقومات اللازمة للنجاح: تاريخ إعلامي عريق، وكوادر بشرية موهوبة، وسوق ضخمة، وموقع استراتيجي متميز.
الطريق أمامنا واضح، والفرصة سانحة لاستعادة المكانة الريادية للإعلام المصري. ما نحتاجه هو الإرادة الحقيقية والعمل الجاد والرؤية الاستراتيجية طويلة المدى.
إن مستقبل الإعلام المصري يُصنع اليوم، ونحن جميعاً مسؤولون عن صناعته
.”الإعلام ليس مجرد مهنة، بل هو رسالة ومسؤولية وطنية”



