استيقظ أحمد في ذلك الصباح على صوت رسالة نصية غريبة وصلت هاتفه من رقم مجهول:
“تاريخ انتهاء صلاحيتك: السبت الموافق 10 من الشهر الجاري. استعد جيداً.”
ضحك أحمد في البداية، ظناً منه أنها مزحة من أحد الأصدقاء. لكن شيئاً ما في عمق قلبه جعله يشعر بالقشعريرة. نظر إلى التقويم… اليوم الثلاثاء الموافق 6. يعني أنه يتبقى له أربعة أيام فقط.
قضى اليوم الأول في محاولة تجاهل الرسالة. ذهب إلى العمل كالمعتاد، لكنه لم يستطع التركيز. كانت الرسالة تتردد في ذهنه مثل أغنية عالقة. في المساء، قرر أن يتعامل مع الأمر بجدية أكبر.
في اليوم الثاني، بدأ أحمد بكتابة رسائل وداع لكل من يحبهم. رسالة لأمه يشكرها فيها على كل شيء، ورسالة لأبيه يطلب منه المسامحة عن كل الأخطاء، ورسائل لأصدقائه يخبرهم فيها كم يعنون له. لكنه لم يرسلها… ماذا لو كانت الرسالة مجرد مزحة؟
في اليوم الثالث كان مختلفاً. قرر أحمد أن يعيش كما لو كان هذا آخر يوم له. اشترى الكعكة المفضلة لأمه وزارها دون مناسبة. جلس مع أبيه وشاهدا مباراة كرة القدم معاً لأول مرة منذ سنوات.
ثم ذهب إلى البنك وسدد جميع ديونه، حتى المبالغ الصغيرة التي كان يؤجل دفعها. بعدها توجه إلى منزل جاره ليعيد له المفك الذي استعاره منذ شهرين ونسي أن يرده. ثم ذهب إلى مكتبة الحي وأعاد الكتب التي استعارها وتأخر في إرجاعها.
في المساء، اتصل بصديقه محمد وقال له بصوت مرتجف: “أريد أن أعتذر لك… أنا من أخبرت رئيسك في العمل عن خطئك بالخطأ وتسببت في توبيخك. لم أقصد ذلك، وأعلم أنك غضبت مني وقتها. أرجو أن تسامحني، فلم أستطع النوم مرتاح الضمير وأنا أحمل هذا السر.”
في اليوم الرابع، الجمعة، شعر أحمد بسلام غريب. لقد فعل كل ما كان يريد فعله. سامح من أساء إليه، واعتذر لمن أساء إليهم. قضى الليل في قراءة كتابه المفضل والاستماع لموسيقاه المحببة.
جاء يوم السبت الموافق 10. استيقظ أحمد مبكراً ونظر حوله. لا يزال على قيد الحياة. ابتسم وهو يشعر بالامتنان لكل لحظة. توقع أن تكون هذه نهاية القصة، لكن الهاتف رن.
رسالة جديدة من نفس الرقم المجهول:
“تهانينا! لقد نجحت في الاختبار. أحياناً نحتاج لنتذكر كم الحياة ثمينة. عش كل يوم كأنه الأخير.”
أدرك أحمد أن أهم درس تعلمه ليس معرفة تاريخ موته، بل معرفة كيف يعيش حياته. من ذلك اليوم، لم يعد يؤجل أي شيء مهم. كان يقول لأحبائه أنه يحبهم، ويعتذر عندما يخطئ، ويسدد ديونه فور استحقاقها، ويرد الأشياء المستعارة فور انتهائه منها، ويعيش كل لحظة بامتنان.
وأصبح يردد دائماً: “لا أحد يعرف تاريخ وفاته الحقيقي، لكن الجميع يعرف تاريخ ولادته. الأهم هو ما نفعله في الفترة بينهما.”