أعزائي المصريين، أحبائي أهل مصر، يا أولاد النيل الغاليين…
اسمحوا لي أن أبدأ هذه الرسالة بسؤال بسيط: متى كانت آخر مرة قلتم فيها “حبيبي” لحد في الشارع من غير ما يكون عايز منكم فلوس؟
الساعة سبعة الصباح، شارع رمسيس، زحمة المترو. أحمد واقف في الطابور، فجأة حد دخل قدامه. النتيجة؟ معركة طاحنة بتبدأ بـ”إنت مالك يا جدع؟” وتنتهي بخناقة يتدخل فيها نص الحي، والنص التاني يصور بالموبايل.
المشكلة مش في أحمد ولا في اللي دخل قدامه. المشكلة إن إحنا بقينا زي برميل البارود، أي شرارة بسيطة تخلينا ننفجر. كإن قلبنا بقى زي المولوتوف، جاهز للانفجار في أي لحظة.
إيه اللي حصل لنا بقى؟ إيه اللي خلانا نستعجل على بعض كده؟ كإننا مش عايشين في نفس البلد، كإننا مش أخوات في الوطن ده.
في المترو، الواحد يحس إنه في رينج الملاكمة. في الأتوبيس، كل راكب شايف نفسه إنه مالك الأتوبيس. في الميكروباص، السواق والكمساري بيتعاملوا مع الركاب كإنهم في مهمة عسكرية سرية.
وفي الشارع؟ يا رب السترة! كل واحد شايف نفسه إنه ملك الطريق، والبقية دول مجرد عقبات في طريق مملكته.
طيب إيه الحل؟ الحل بسيط جداً لدرجة إننا مش مصدقينه:
حبوا بعض!
أيوة، بساطة كده. ابتسموا لبعض، قولوا “صباح الخير” بصدق، ساعدوا بعض، اعذروا بعض.
تخيلوا لو كل واحد فينا قال لنفسه: “النهارده مش هاخنق مع حد”. إيه اللي هيحصل؟ هنلاقي نفسنا عايشين في بلد تانية خالص.
هتقولوا لي: “يا أستاذ خالد، ده كلام جميل بس مش عملي”. طيب أدكم دليل عملي:
في المواصلات: بدل ما تزق اللي قدامك، قوله بأدب “لو سمحت ممكن أعدي؟” هتشوفوا العجايب.
في الشارع: لما تلاقي حد عمل غلطة في السواقة، بدل ما تشتمه، افتكر إنه ممكن يكون مخنوق زيك أو أكتر.
في الدكان: ابتسم للبياع، قوله “ازيك يا ريس”، هتلاقيه بقى أحسن واحد في العالم.
يا أهل مصر، إحنا شعب جميل، شعب طيب، شعب عنده أحلى قلب في الدنيا. بس إحنا مخنوقين، متعبين، مضغوطين. والضغط ده خلانا نطلع اللي جوانا على بعض.
بدل ما نطلع غضبنا على أخونا المصري اللي واقف جنبنا في الزحمة، يلا نتفق نحب بعض. يلا نتفق إن مصر تبقى أحلى لينا كلنا.
والنبي، جربوا كده، حبوا بعض شويتين. هتلاقوا الدنيا بقت أحلى، والشارع بقى أرحم، والحياة بقت تستاهل إننا نعيشها بحب.
وفي الآخر، زي ما الست أم كلثوم قالت: “إحنا الشعب، إحنا الشعب…” يا ترى هي كانت تقصد إيه؟ أعتقد كانت تقصد إننا شعب واحد، ولازم نحب بعض.
حبوا بعض، وخلوا مصر أحلى.