الناس على اختلاف طبقاتهم لا أحد لم يعرف لحظة ذل ولحظة ضعف ولحظة خوف ولحظة قلق فمن لم يعرف هوان الفشل أو خوف الهزيمة بل خوف الموت أيضا ليحلق الموت فوق رؤوسنا جميعا فكلنا فقراء إلى الله وكلنا نعرف هذا ولو دخل كل منا قلب الآخر لأشفق عليه ولرأى عدل الموازين الباطنية برغم اختلال الموازين الظاهرية ولما شعر بحقد ولا بزهو ولا بغرور ونحن لا نتألم لأن الأحداث قاسية بل لأن عقولنا فسرتها على أنها قسوة فالحدث في ذاته محايد لا يحمل حزنا ولا فرحا نحن الذين نضع المعنى ثم نشكو من الألم الذي صنعناه بأفكارنا فقد يمرّ اثنان بالمحنة نفسها أحدهما يخرج منها مكسورا والآخر يخرج منها أكثر وعيا فالفرق ليس في المحنة بل في طريقة الفهم فحين تظن أن ما أصابك عقاب ستعيش ناقما على الحياة وحين تفهم أنه اختبار أو تهذيب أو إنقاذ سيهدأ قلبك ولو تألم الجسد فنحن لا نملك تغيير كل ما يحدث لنا لكننا نملك أن نختار كيف نفهم ما يحدث وحين يتغير الفهم يتغير الشعور ويتغير السلوك وتتغير الحياة كلها فالله لا يكسر عباده ليهينهم ولا يضيّق عليهم ليُعذبهم إنما يبتلي ليوقظ ويأخذ ليُنقي ويمنع ليحمي فأخطر سجن قد تعيش فيه هو تفسيرك الخاطئ لما تمر به .
كل عام وانتم بخير 2025


