بقلم د. طارق الأدور
يمر الإنسان خلال مراحل مختلفة من حياته بتحديات تضعه في الميزان ، فإما أن يقهر هذه التحديات بإرادته وقوته ويحافظ على مجده، أو أن ينكسر ويفقد بريقه الذي صنعه في قمة مجده، وهذا هو حال نجمنا الكبير محمد صلاح في ليفربول وهو يمر بأكبر أزمة في الفريق منذ إنضم له قبل في عام 2017 ..
أي منذ 8 سنوات حقق خلالها مجدا لم يضارعه أي مجد سابق في الأنفيلد.
هكذا هو حال الحياة .. تحدي دائم من أجل تحقيق المجد لمن يسعى له وتحدي آخر ضد عوامل الزمن من أجل البقاء على القمة التي هي أصعب من الوصول إليها.
كما قلت مرارا علينا أن نعيش كل لحظة من لحظات تألق صلاح على المستوى العالمي لأن علينا أن ننتظر طويلا، ولا أدري إلى متى، حتى نجد لاعبا بروح وتحدي صلاح يصل بنا إلى المستوى العالمي الذي أعاشنا فيه على مدى 8 سنوات من التألق والعطاء.
وصلاح بعمر 33 عاما يمر بأصعب تحدي منذ وطأت قدمه ملعب انفيلد التاريخي وهو مزيج من تحدي الزمن مع تحدي البشر.
تحدي الزمن لا غبار عليه ولا مفر منه ولكنه ليس عنصرا أساسيا هنا لأن عمر صلاح أصغر كثيرا من عديد النجوم حول العالم يكبرونه يسنوات ولازالوا ملء السمع والبصر.
أما تحدي البشر فهو ما يعانيه بحق صلاح مؤخرا، لأنه أصعب ومن صنع ظروف قام بها البشر أنفسهم لتهدم منظومة أبهرت العالم لسنوات طوبلة.
ليفربول الذي قضى بقيادة صلاح 8 سنوات من التألق وقنص البطولات، لم يعد ذلك الفريق الذي كان صلاح ركنا أساسيا من إنجازه، فكل شيء تغير حوله ولم تعد الأوراق التي كنت تساعده لتحقيق الإنتصارات موجودة بجواره وأصبح عليه أن يتحمل وحده ودون غيره كل سلبيات هذا التغيير.
وليس عيبا في كرة القدم وهي لعبة جماعية لا شك يشارك فيها فريق كامل من 11 لاعب، أن يخدًم الفريق بكامله على لاعب موهوب بالفريق مثلما حدث لسنوات في الفرق التي لعب لها الثنائي الخالد ميسي ورونالدو وقد كان هذا هو الحال في ليفربول لسنوات طويلة.
كان صلاح غير مكلف بواجبات دفاعية كثيرة لآن خلفه ظهير يقوم بالمهمة هو الكسندر أرنولد، وكان يقوم كثيرا بدور رأس الحربة لأن الظهير يتحرك على الأطراف، وكان رأس الحربة نفسه يقوم بدور صانع الألعاب مثلما كان يقوم الراحل دييوجو جوتا أو نونيز الذي كان حتى تعثره في التهديف وراء تسجيل صلاح لعشرات الأهداف من المتابعة خلفه .
كان ليفربول يتمتع بوجود ظهير أيسر لا يضارع هو روبيرتسون كان بتقدمه للجناح الأيسر يصنع الفرص لصلاح بالترحيل الذي يقوم به من الجبهة اليمنى إلى عمق الملعب.
كان ليفربول يملك جناحا أيسر لا يقل عن صلاح سرعة بداية بساديو مانيه ثم لويس دياز وكان هذا الجناح يخفف العبء عن صلاح ويحدث تمديد (أستريتش) لجبهة الهجوم بعرض الملعب من خط التماس الأيمن للأيسر.
كان ليفربول يملك خط وسط نارى قادر على تمرير كرة بينية للهجوم كل دقيقة على مدى المباراة.
ولكن فجأة إنهار كل هذ البناء وبدأ المدير الفني أرني سلوت يغير كل شيء في منظومة ناجحة من أجل بناء شخصية جديدة غيرت كل شيء وفي النهاية دفع الثمن صلاح نفسه.
هذا هو التفسير الفني … ولكني لا أشك أن صلاح الذي غير الفكر الرياضي لمصر كلها بتحديه طوال كل تلك السنوات، قادر على المزيد من التحدي والعودة ليكون من نجوم العالم بل والنجم الأفضل بإصراره وعزيمته.
Adwar10@hotmail.com



