كل يوم نصحو على مشاهد صادمة لجرائم تُرتكب في حق الحيوان الأعزل.
فيديوهات تُنشر على مواقع التواصل تُظهر تعذيبًا وضربًا وسحلًا بلا رحمة، وكأن الشارع المصري صار مسرحًا لعنف غير مبرر، لا هدف له إلا إشباع نزعة عدوانية مريضة.
قبل أشهر قليلة، تابعنا جميعًا واقعة الطبيب الذي أنهى حياة كلب “هاسكي” في الشارع بدم بارد، مشهد وحشي لا يليق بإنسان يرتدي معطفًا أبيض يُفترض أنه أقسم على الرحمة.
ورغم انتشار الفيديو والغضب الشعبي، ووجود تصوير بالصوت والصورة، أثبتت التحقيقات عدم وجود دليل كافي يثبت تورطه بشكل مباشر، وتم إخلاء سبيله دون أي أحكام قضائية رغم ان الواقعه مصوره صوت وصورة وقبل أن نلملم صدمتنا، فوجئنا بواقعة جديدة أكثر بشاعة: ما عُرف إعلاميًا بـ “كلب المدبح”، حين تحولت الشوارع إلى ساحة تعذيب علنية أمام أعين الجميع، بلا رادع ولا خوف من عقاب.
المؤلم أن هذه الجرائم تتكرر بلا رادع، وكأن قانون حماية الحيوان الذي يفترض أن يكون مظلة للرحمة، مجرد حبر على ورق.قانون حماية الحيوان ..
حبر على ورق العقوبات في القانون المصري مازالت ضعيفة وغير رادعة للإسف :المادة 355: تعاقب كل من يقتل عمدا حيوانًا من الدواب أو المواشي المستأنسة، أو يتسبب له في ضرر جسيم، بالحبس مع الشغل.
المادة 357: تشمل الحيوانات الأليفة مثل الكلاب والقطط، وتقرر الحبس لمدة لا تزيد على 6 أشهر أو غرامة لا تتجاوز 200 جنيه فقط.تكدير السلم العام أو إثارة الفوضى: يمكن توجيه تهم إضافية في حال تسبب الاعتداء على الحيوان في إثارة الرعب أو الإخلال بالنظام العام، ما قد يفتح الباب لعقوبات أشد، لكنه غالبًا لا يُطبق.
العقوبات في الدول المتقدمة: في العديد من الدول الأوروبية مثل ألمانيا والسويد وبريطانيا، تصل العقوبات على قتل أو تعذيب الحيوانات إلى سجن عدة سنوات وغرامات مالية ضخمة، مع منع الشخص من تربية الحيوانات مدى الحياة في بعض الحالات، ما يجعل القانون رادعًا جدًا ويقلل بشكل كبير من حدوث هذه الجرائم.
هذه العقوبات الهزيلة وغياب التنفيذ العملي جعل الجرائم تتكرر بلا رادع، مما يحول الشارع إلى ساحة قسوة، والحيوان إلى ضحية مستمرة.
الحيوان ليس خصمًا ولا عدوًا، بل مخلوق ضعيف لا يملك سوى أن يكون جزءًا من بيئتنا.
والمجتمع الذي يسمح بمثل هذا العنف ويغض الطرف عن مرتكبيه، يفتح الباب لمزيد من القسوة التي ستنعكس علينا نحن البشر.
القضية ليست مجرد “تعاطف مع كلب أو قطة”، بل قضية إنسانية وأخلاقية. إذا لم نضع حدًا لهذه الجرائم، ونتعامل معها بجدية وعقوبات صارمة، فنحن نصنع جيلًا يتربى على العنف ويعتبر إيذاء الضعيف بطولة.
حماية الحيوان ليست رفاهية، بل مقياس لتحضر أي مجتمع.
والقانون وحده لن يكون كافيًا ما لم يُفعل بحزم ويطبق على كل من يتجرأ على ارتكاب جريمة ضد كائن أعزل.