مع انطلاق ماراثون انتخابات مجلس الشيوخ، تبرز أهمية دور المرأة المصرية في المشاركة السياسية، استجابةً لنداء الوطن وإيماناً بحقوقها السياسية التي ترسخت عبر تاريخ مصر القديم والحديث.
بدايات رائدة و نضال مستمر
فقد تقلدت المرأة مناصب سياسية ومارست شؤون الحكم بدرجات متفاوتة وفقاً لظروف كل مرحلة تاريخية.
بدايات المشاركة السياسية انطلقت مشاركة المرأة المصرية في العمل السياسي مع ثورة 1919، حيث شهدت أول مظاهرة نسائية ضد الاحتلال البريطاني في 16 مارس 1919، ضحت خلالها بعض النساء بحياتهن. وفي عام 1920، تأسست لجنة الوفد المركزية للسيدات، تلاها إنشاء هدى شعراوي للاتحاد النسائي المصري عام 1923. ورغم صدور قانون الانتخاب في نفس العام، حُرمت المرأة من حقي التصويت والترشح، مما دفعها للاحتجاج أمام البرلمان.
ثورة التمكين بعد 1952
خلال الأربعينيات، تأسس أول حزب نسائي عام 1942، والاتحاد النسائي العربي عام 1944، ثم اتحاد بنت النيل عام 1949. وبعد ثورة يوليو 1952، نص دستور 1956 على المساواة بين الجنسين في الحقوق والواجبات، بما فيها الحقوق السياسية، لتدخل المرأة البرلمان لأول مرة عام 1957، وتُعين حكمت أبو زيد أول وزيرة عام 1962.
تطورات دستورية
أكد دستور 1971 على تكافؤ الفرص والمساواة أمام القانون دون تمييز بسبب الجنس، ونص على حق المرأة في الانتخاب والترشح. ومع دستور 2014، شهدت المشاركة السياسية للمرأة نقلة نوعية، مدعومة بالتزام مصر باتفاقيات دولية مثل “سيداو” لمنع التمييز ضد المرأة.
تحديات و انتكاسات
لكن فترة حكم جماعة الإخوان المحظورة شهدت تراجعاً واضحاً في مشاركة المرأة، حيث تقلص تمثيلها في البرلمان إلى 2.4%، وقل عدد الوزيرات، مع إقصاء واضح في تشكيل لجان وضع الدستور.
مكاسب و انجازات
عهد جديد مع الرئيس عبد الفتاح السيسي منذ توليه المسؤولية ووصوله إلى سدة الحكم، بدأت المرأة المصرية مرحلة جديدة من التمكين. تعهد الرئيس بدور بارز للمرأة في الحياة السياسية، وأُطلقت استراتيجية تمكين المرأة 2030. برزت المرأة في الانتخابات الرئاسية، حيث احتشدت أمام صناديق الاقتراع في مشهد ديمقراطي مهيب، مدعوماً بحملات توعية مثل ” صوتك أمانة” و “صوتك لبكرة” و”طرق الأبواب” التي نظمها المجلس القومي للمرأة، خاصة في المحافظات الحدودية.
تحديات مستمرة وطموحات
رغم التقدم، تواجه المرأة المصرية تحديات مثل التمييز، التقاليد الاجتماعية، ونقص الوعي السياسي. ومع زيادة تمثيلها في البرلمان، لا يزال حضورها في المناصب العليا محدوداً. تسعى الدولة عبر مؤسسات مثل المجلس القومي للمرأة لتعزيز المشاركة السياسية من خلال التدريب والتوعية، والتعاون مع منظمات المجتمع المدني لتحقيق العدالة والمساواة.
مستقبل واعد
تثبت المرأة المصرية قدرتها على تغيير المعادلة السياسية، سواء في الانتخابات الرئاسية أو البرلمانية. وبفضل عقد من الإصلاحات والتمكين، أصبحت المرأة ركيزة أساسية في الجمهورية الجديدة. ومع استمرار التحديات، تسير مصر بخطى ثابتة نحو تحقيق المساواة الكاملة، لتظل المرأة المصرية صوتاً مؤثراً في بناء مستقبل الوطن.



