العربي أو المسلم القابض على دينه وهويته في أوربا كالقابض على الجمر ! ..
المسلمون في أوروبا عددهم كبير وفي زيادة مستمرة بعد تدفق أعداد كبيرة من المهاجرين .. قابله أن اليمين المتطرف زادت شوكته وبدأ يكسب أرضا جديدة كل يوم في قضايا تطالب بطردهم إلى بلادهم التي جاءوا منها .. أو التضييق عليهم للحد من قدوم أعداد جديدة منهم .. أخيرا المسألة تعدت الرفض اللفظي ووصلت للاعتداء بالسلاح وإزهاق الأرواح ! ..
اليمين المتطرف يقول إنه ليس من حق أحد أن يفرض ثقافته ومعتقده على بلاد تختلف في ثقافتها ونظرتها إلى الدين وشكل الحياة عموما عن البلاد التي قدم منها وأعتقد أن لديهم الحق في ذلك ..
كلمة لا بد منها : المهاجرون أساءوا استخدام مناخ الحرية المتوفر وأتوا بأفعال شوهت الدين الإسلامي والثقافة العربية عموما وهو ما رأيناه من طريقة ذبح الأضاحي في الشوارع ( فرنسا ) .. أو إساءة استخدام رفع الأذان في المساجد ( سويسرا ) .. أو محاولة نشر عادة النقاب وتعمد الظهور به في الأماكن العامة .. أو استخدام ما سمي بالبوركيني ( المايوه الإسلامي ) وأشياء أخرى من هذا القبيل ..
المهم أن فقهاء المسلمين مازالوا حائرين ولا يجدون مخرجا مناسبا لتوفيق أوضاع المسلمين المغتربين من النواحي الشرعية كي يمكنهم العيش بسلام دون إفراط أو تفريط ..
المسلمون في أوربا أمامهم ثلاثة طرق رئيسة للعيش هناك : فإما الاندماج مع الشعوب الأوروبية والتخلي التام عن هويتهم العربية المسلمة وفي هذا تفريط كبير وغير مقبول .. أو العزلة والعيش في جيتو ( حارة مسدودة ) كما كان يفعل اليهود والتمسك بهويتهم وثوابتهم ..
وهو ما يفعله الآن الإخوة من المغرب العربي في جنوب فرنسا بشكل واضح .. أما هذا فجعل أهل هذه البلاد ينظرون إليهم بعين الشك والريبة والكثير من البغض والكراهية .. الطريق الثالث التعايش والاختلاط بأهل البلد ولكن في حدود .. وهو ما يتطلب التخلي عن بعض العادات والقيم الشرقية أوحتى التنازل عن بعض الثوابت الدينية إن تطلب الأمر وهو أمر فيه جدل كبير..
هناك احتمال رابع لكنه مستبعد .. أن يحمل المقيمون العرب والمسلمون أمتعتهم ويعودوا إلى بلادهم الأصلية .. لكنه أمر في غاية الصعوبة ..
فالأوضاع الاقتصادية والسياسية والمعيشية في بلدانهم الأصلية لن تمكنهم من ذلك ..
فضلا عن أن معظم الجيل الحالي من الأبناء المولودين هناك لا يعرفون شيئا عن وطنهم الأم .. بل ولا يتكلمون إلا لغة البلاد التي يقيمون بها ولا ينطقون العربية أصلا..
الاندماج أو العزلة أو التعايش أو ترك البلد والعودة .. ليس هناك طريق خامس ..
فكيف للمسلم أن يعيش في هذه البلاد محافظا على دينه وهويته وفي نفس الوقت يكون عضوا مقبولا في المجتمع الذي يقيم فيه ! ..
تجديد الفقه أمر حيوي ومهم للغاية حتى وأن كان هناك بعض الصعوبات ..