بقلم / سيد الأسيوطي
التاريخ يعلمنا أن الطغاة مهما بلغ جبروتهم، ومهما علا صراخهم، فإن مصيرهم في النهاية واحد: السقوط المذل. واليوم يقف العالم أمام نموذجين صارخين لهذا المصير المحتوم: دونالد ترامب وبنيامين نتنياهو.
ترامب الذي لم يترك حليفًا إلا وخانه، حتى قطر التي تُعد واحدة من أكبر الحلفاء الاستراتيجيين لواشنطن في الشرق الأوسط، والتي تستضيف قاعدة العديد العسكرية وتتحمل تكلفتها كاملة من عتاد وأموال، لم تسلم من طعنة الغدر.
هذه الخيانة ليست حادثة عابرة، بل انعكاس لعقلية متغطرسة لا ترى في الحلفاء سوى أوراقًا للاستهلاك ثم الحرق.
أما نتنياهو، فقد انكشف وجهه الحقيقي أمام العالم كله. زعيم متطرف لم يتورع عن جرّ إسرائيل إلى عزلة دولية غير مسبوقة، بخسارته لحلفاء الأمس، وبسياسته القائمة على البطش والتوسع والعربدة.
لقد جعل من كيانه عبئًا على داعميه الغربيين، وفتح باب العداء مع أوروبا، بل ومع أصوات عاقلة داخل الولايات المتحدة نفسها.
العجرفة والتسلط في تعامل ترامب ونتنياهو مع قادة العالم، وعلى رأسهم الاتحاد الأوروبي، لم تزد الموقف إلا سوءًا. من يظن أن القوة وحدها تصنع الشرعية يكرر خطايا نيرون الذي أحرق روما، وموسوليني الذي انتهى مشنوقًا، وهتلر الذي ابتلعته نار جنونه.
ومؤخرًا، جاء حادث اغتيال الناشط الأمريكي المتطرف تشارلي كيرك، المعروف بقربه من ترامب ودفاعه المستميت عن إسرائيل، أثناء إلقائه كلمة علنية في جامعة بولاية يوتا، ليكون شاهدًا جديدًا على خطورة مسار التطرف والعنف الذي زرعه ترامب وأتباعه.
هذا الاغتيال لم يكن مجرد حادث فردي، بل صدمة كبرى داخل الولايات المتحدة، ودليلًا على أن موجة الكراهية التي أطلقها ترامب ونتنياهو بدأت تلتهم أنصارهم أنفسهم.
اليوم، يقف ترامب على أعتاب محاكمات داخلية متلاحقة، فيما تواجه إسرائيل أعمق أزماتها السياسية تحت قيادة نتنياهو. وفي الداخل الأمريكي، لم تتوقف التداعيات؛ إذ ارتفعت أصوات في بعض الولايات تُطالب بالاستقلال والانفصال عن الاتحاد الأمريكي، احتجاجًا على ما اعتبروه “قوانين قاتلة للحرية والعدالة والديمقراطية” فرضها ترامب وحزبه المتشدد.
لقد أعاد ترامب أمريكا إلى شريعة الغاب، وذهب أبعد من ذلك بتهديده الصريح بإعدام كل من يخالفه الرأي — وهو أمر لم تعرفه الولايات المتحدة من قبل، حتى في أكثر لحظاتها ظلامًا.
هذه الظواهر تنذر بتصدع الاتحاد نفسه من الداخل، وهو أخطر ما يواجه الإمبراطوريات حين تتآكل شرعيتها أمام شعوبها.
لقد تحولت نهاية ترامب ونتنياهو إلى معركة دامية خارجية وداخلية في آن واحد.
إما أن يُطاح بهما، أو أن تواجه الولايات المتحدة ومعها إسرائيل خطر التآكل من الداخل، وصولًا إلى النهاية المحتومة لمشروع الغطرسة والغزو الغربي.
وإذا كان اغتيال كيرك قد شكّل بداية صادمة، فإن القادم قد يكون أكثر دموية، لأن الطغيان حين ينهار لا يسقط وحده، بل يسحب معه حلفاءه وأتباعه إلى فوضى لا تبقي ولا تذر.
وهكذا، فإن نهاية ترامب ونتنياهو لن تكون سوى نسخة جديدة من مصائر الطغاة عبر التاريخ: جنون القوة، ثم عزلة مدوية، وأخيرًا سقوط بلا مجد.
حفظ الله الوطن، حفظ الله الجيش والشرطة المصرية البواسل درع وسيف الأمة.وتحيا مصر بوحدتها دائمًا وأبدًا رغم أنف المفسدين والحاقدين والمتربصين.