يكتبها من خيال الواقع:
المخرج خالد سالم
في حي شعبي صغير في القاهرة، كان فيه شاب اسمه كريم. كريم كان شاب بسيط بيشتغل في ورشة نجارة، ودايمًا بيحب يضحك ويهزر، لكن كان عنده مشكلة غريبة: بيخاف يعمل أي حاجة من غير ما يسأل الناس.
لو جاب تيشيرت جديد، لازم يسأل أصحابه: “إيه رأيكم؟ حلو عليا؟” لو قرر يغير تسريحة شعره، يلف على الجيران ويسألهم: “أحسن كده ولا أسيبها زي ما هي؟” حتى لو فكر يدخل مشروع صغير، لازم ياخد رأي القاصي والداني.
في مرة، قرر كريم يفتح كشك صغير يبيع فيه ساندوتشات فول وطعمية. الفكرة كانت عاجباه جدًا، لكنه كعادته بدأ يسأل كل الناس:
واحد قاله: “الكشك لازم يكون لونه أحمر عشان يلفت النظر.”
والتاني قاله: “لا يا عم، خليه أزرق، الأزرق بيريح النفسية.”
والتالت قاله: “إنت ليه تبيع فول؟ ما تبيع شاورما، دي مكسبها أعلى.”
فضل كريم يجري ورا كلام الناس لحد ما الكشك بقى شكله عجيب جدًا. لونه كان خليط بين الأحمر والأزرق، وبيع حاجات مش مترتبة: شوية فول، شوية شاورما، وشوية بطاطس مقلية.
لما فتح الكشك، الناس كانت بتقف قدامه مستغربة: “إيه ده؟ ده كشك ولا لوحة فنية؟” والمبيعات؟ صفر على الشمال.
في يوم، وهو قاعد في الكشك لوحده، جه عم “عبد الله” الراجل الكبير اللي في الحي. عم عبد الله قعد معاه وقاله:
“مالك يا كريم؟ شكلك مش مبسوط.”
كريم رد وهو متضايق: “مش عارف يا عم عبد الله، بسمع كلام الناس وبتلخبط.”
عم عبد الله ابتسم وقاله: “بص يا ابني، اللي بيعيش على مزاج الناس مش هيعيش أبدًا. اختار اللي إنت عايزه واعمله، حتى لو الناس كلها قالت لأ.”
الكلام ده لمس كريم، ولأول مرة قرر يسمع نفسه بس. هدم الكشك، وبدأ من الأول. عمله بسيط، بلون واحد، وركز على الفول والطعمية اللي هو شاطر فيهم.
الحي كله بدأ يحب الكشك الجديد، ومبيعاته بدأت تزيد. كريم بقى يضحك مع الزباين ويقول: “اللي يعيش على مزاج الناس يخسر نفسه، واللي يعيش على مزاجه يكسب الدنيا.”
مبدع في كل شيء محترم في كل شيء اسلوبك جميل وراقي وكل الناس بتحبك