بالنسبة لي هشام نزيه مش أفضل موسيقي، ربما هو جيد، لكن حالة الاحتفاء به كأهم وأفضل موسيقار، فيها ظلم لتاريخ الموسيقى المصري باعتباره واحد من ضمن الموسيقيين.
يعني لو هيتم تصنيفه ضمن الأهم في تاريخ مصر، هيجي رقم ٣٥ وفي الأحياء دلوقت ممكن يجي بعد رقم ٦ فأنا بالنسبة لي من الأحياء، ياسر عبد الرحمن ومودي الإمام وعمر خيرت يفوقوه بل هم الأكثر تأثيرا في وجدان المصريين.
أنا متفهم إن مصر مبقاش فيها نوابغ كتير حاليا لطبيعة الدنيا وظروفها وطبيعة فترات الازدهار الثقافي والفني اللي طلعت لأعلى مستوى في القرن العشرين، واللي كان طبيعي إن المنحنى ينزل بينا في القرن الراحد وعشريين، هذا حال الأمم، وطبيعي إن أي حد بيعمل أي حاجة دلوقت يبقى عبقرينو.
فهشام نزيه ابن مرحلته، وغالبا مبيلاقوش غيره في أي عمل، ضخم أو عادي لأنه سوّق لنفسه صح وعمل شخصية لنفسه ودي أهم حاجة، خصوصا لما عرف يعمل موسيقى لفيلم أجنبي، الأجانب اللي مبقاش عندهم شغل عموما حتى في السينما عليه القيمة، لطبيعة برضو وظروف مرحلة الصوابية السياسية وخنق المبدعين.
المهم لما بشوف اسم هشام نزيه، مبلاقيش مصر، يعني حتى أشهر موسيقى له بل الأفضل في مشواره وبحبها بالمناسبة هي موسيقى فيلم تيتو، ويمكن بحبها لأن فيها مقطوعات كتير من موسيقى فيلم العراب بنفس إيقاعها الفالس البطيء.
لكن كل موسيقته بقى في كل الأعمال، عمرها مثلا ما كانت علامة لوحدها، وممكن تشيلها وتحط غيرها، وقارنوها مثلا بأي موسيقار آخر في أعماله السينمائية أو الدرامية اللي ذكرتهملك، هتلاقيها مش بس جزء من وجداننا، لا دي من هويتنا واعتزازنا.
ده كانت موسيقتهم بتخلد الأعمال السينمائية والدرامية نفسها اللي كانت أقل من مستوى العمل الموسيقى بكتير، ومع ذلك عاشت الأفلام والمسلسلات دي بسبب الموسيقى!
ومع ذلك الموسيقى أذواق لكن لحد ما تيجي عند افتتاح مشروع مصري بيخاطب العالم، تقوم متجاهل الموسيقى المصرية، ده مش مفهوم، دي فرصة نقدم فيها نفسنا وتراثنا، بس لا، العبقرية تتطلب نعمل نفس شغل الأوروبيين الملحمي الأوبرالي!، ويمكن ده لأن هشام متغرب، ولأنها أسهل طريق لأي حد عاوز يعمل موسيقى لحدث ضخم، يبقى أوركسترالي سيمفوني على الطريقة العالمية، اللي مبتحتاجش موهوب فلتة، لكن مجرد واحد دارس كويس أوي علم الهارموني والسيمفونيات العالمية عشان يقدر يطلع الوصفة المحفوظة المملة، لأي أوركسترا سيمفوني كامل وضخم.
اللي هي عبارة عن كورال بشري كبير مع صوت سوبرانو منفرد قوي عشان إحساس الجلال والقدسية، مع ألحان بسيطة وواضحة عاطفية وتصاعدية، ضاربها بهارمونيات وكوردات قوية وبطيئة عشان تحس برهبة وإنت مش فاهم أي حاجة.
لكن بتتخض من ضخامة التناغم بين كمية الناس اللي بتعزف دي مع بعض.
طبعا هيرد حد ويقولي لأنه ده افتتاح بيخاطب العالم بلغتهم، هقولك ده افتتاح لمشروع مصري، بس يا أخي أنا نفسي تخاطبونا إحنا بثقافتنا وتراثنا وموسيقتنا اللي دايبة دوب جوانا بكل مقاماتها ومعانيها، وصلوها للعالم، هتبهروهم ساعتها، مش هتبهروهم بإنكم تقدمولهم نفس شغلهم، وربما ده كان سبب إنه ربنا فتح عليه في موسيقى موكب المومياوات وطعمها بالربابة والناي، وكانت الروح الشرقية غالبة عليها عشان كده وصلتلنا وأثرت فينا، فربنا يفتح عليه لأن إتقان تعقيدات التأليف الأوركسترالي مش هو العبقرية، العلم وحده لا يكفي، ما يكفي هو الروح، أن تلمسنا لا أن تستعرض مهارتك في تركيب ١٠٠ آلة وصوت في وقت واحد!



