بقلم الإعلامي خالد سالم
لم يكن البحر الأحمر يومًا ساحةً للنزاعات أو المواجهات المباشرة، بل ظل لعقود طويلة ممرًا آمنًا للتجارة العالمية، وركيزة من ركائز الأمن القومي العربي. ولكن، منذ أن اندلع العدوان الصهيوني الغاشم على غزة، انقلبت المعادلة، وتحولت مياه البحر الأحمر الهادئة إلى مسرح متوتر يعكس حجم الغضب العربي، ويجذب تدخلات خارجية معقدة.
لقد فجر الاعتداء الإسرائيلي على أهلنا في غزة مشاعر الغضب والاحتقان في الشارع العربي، وامتدت تداعياته إلى مضيق باب المندب، حيث بدأت بعض القوى المسلحة في استهداف السفن المرتبطة بإسرائيل، أو تلك العابرة تحت أعلام دول تدعم العدوان. هذا التصعيد فتح الباب لتدخلات أمريكية مباشرة من جهة، وتدخل إيراني من جهة أخرى، كلٌ يسعى لحماية مصالحه أو استعراض قوته في ساحة مكشوفة تتقاطع فيها الحسابات.
وسط هذا المشهد المشتعل، تأتي مصر لقيادة واعية حكيمة في موقف بالغ الحساسية، إذ تعتمد إلى حد كبير على حركة الملاحة في قناة السويس كمصدر رئيسي للدخل القومي. ومع التهديدات المتكررة للسفن، وتعليق بعض الشركات العالمية لحركة مرورها، يتعرض هذا الشريان الحيوي لخطر كبير، قد يؤثر سلبًا ليس فقط على مصر بل على الاقتصاد العالمي بأسره.
ما يجري اليوم في البحر الأحمر هو إنذار مبكر بما قد يشهده الإقليم من تصعيد أكبر، إذا لم تتحرك القوى الفاعلة بعقلانية ومسؤولية. فالحرب في غزة، رغم قسوتها، لا ينبغي أن تتحول إلى مبرر لإشعال البحار وتعطيل حركة العالم بأسره.
يبقى الأمل معقودًا على الحل السياسي كما طالب الرئيس عبد الفتاح السيسي ، وعلى وعي الشعوب والقيادات العربية، بألا يُترك البحر الأحمر للاشتعال، بل أن يُعاد إليه دوره كجسر للتواصل، لا ساحة للتصادم.
