كنت اول من طالب بتلفزة الصحافة منذ أكثر من ربع قرن .. وتحديدا عام 1998 ..
وكنت اول من قدم التحقيق الصحفى فى قالب درامى ببرنامجى ( يوميات صحفى وفنان بالقناة الثالثة ) .. ورغم أننى قدمته بإمكانيات مادية وفنية محدودة الا انه حقق نجاحات كبيرة وتم تكريمه فى محافل عديدة .. وكانت كلمات التتر تقول ( الصحافة تلفزوها ) و ( تلفزنا الصحافة ).
وكررت الأمر بصورة أكثر مواكبة من حيث سرعة الإيقاع وايجاز المعلومة والمقالة والخبر وتوصيلهم للناس بشكل مبهر وسريع ببرنامج ( صحافة كليب ) بالفضائية المصرية الأولى ونجحت التجربة جدا وقتها .. حيث كنت ارتدى قميصا من الجرائد والخص المقالة او التحقيق او الحوار الصحفى فى دقيقة متخللا ذلك فواصل فنية جاذبة.
وقبل هذا وذاك اتذكر اننى كنت اول من فكر فى مسرحة وتلفزة المناهج التعليمية وقدمت مشروعا متكاملا بذلك منذ أكثر من ثلاثين عاما للسيدة تهانى حلاوة وكانت وقتها مدير عام البرامج التعليمية بماسببرو ..
والاهم من كل ماسبق اننى كتبت وصورت بالفعل مشروع ( رواية كليب ) الذى لخصت فيه رواية 200 صفحة وقدمته فى فيديو كليب مدته 5 دقائق وعرض بأكثر من قناة وتم تكريمه بعدة برامج اتذكر منها برنامج ( صباح الخير يا مصر ) وغيره ..
وكان مبررى دائما هو الرغبة فى المواكبة والوصول بمضمون ما نكتب إلى اكبر عدد ممكن من الناس .. فليس معقولا ولا منطقيا ان نكتب مقالا او رواية ونكتفى بآلاف القراء فى الوقت الذى نستطيع الوصول بمضمون ماكتبنا لملايين المتابعين .. خاصة فى ظل منافسة شرسة من صحافة الصوت والصوره الأكثر جذبا ومتعة وابهارا ..
اقول ذلك وكان حالنا وقتها صحفيا وأدبيا أفضل آلاف المرات من واقعنا المر اليوم ..
فالواقع المر اليوم يقول ان كبريات الصحف التى كانت توزع ملايين النسخ وتحقق أهدافها الوطنية والاقتصادية تعانى من الخسائر المادية الرهيبة والضعف الشديد فى التوزيع وبالتالى عدم جدواها وطنيا رغم نفقاتها المتزايدة والتى تصل إلى أرقام مليونية فلكية كل عام ..
اما واقع المجلات الصحفية وبكل وضوح وصراحة فحدث ولا حرج ..!!
ولنا ان نسأل كيف لمجلة او جريدة تطبع عدة الاف بكل ما يعنيه ذلك من تكلفة تصل إلى ملايين الجنيهات ولا توزع نهائيا!!
من اين لهذه المجلة او الجريدة إمكانية الإستمرار .. فلا معلن سيأتي ليدفع مقابل اللاتوزيع ولا دولة ستستمر فى دعم كيانا لا يفيدها وطنيا فى شئ .. !!
اقول ذلك بكل امانة لاؤكد إيمانى الشديد بأهمية المواكبة لتطورات العصر .. والا سنخسر جميعا وستغرق المركب لا محالة.
ونفس الأمر أصبح ينطبق على القنوات التلفزيونية على كثرتها.. فالإحصائيات تؤكد ان نسب المشاهدة تكاد تكون معدومة خاصة من الشباب الا فى حالات المباريات الهامة فقط!
وكلماتى هذه هى لسان حال معظم الزملاء الصحفيين والإعلاميين ولكن يتملكهم الصمت لأسباب عدبدة .. منها الخوف من الاتهام انك ضد التيار او الحفاظ على مكاسب خاصة أو استمرار العيش فى ثوب الماضى وشعاراته الجوفاء .. رغم ان الواقع يقول ويؤكد ان الأمس ذهب ولن يعود واننا نحتاج وبسرعة شديدة لمواكبة كل جديد وعدم الإنتظار أكثر من ذلك ..
ولغة اليوم الاكثر تأثيرا هى السوشيال ميديا .. والوصول للشباب تحديدا وهم الأكثرية لن يكون بطريق آخر غير السوشيال ميديا .. وعدم الاعتراف بهذه الحقيقة والإصرار على لغة الصحافة الورقية والتليفزيونية القديمة لن تفيد وستزيد الفجوة بيننا وبين الأجيال الجديدة ..
وأرجو أن يعيد الجميع حساباته بواقعية .. فكل مبدع يتمنى أن يصل ابداعه إلى ملايبن البشر .. ولن تتوفر هذه الملايين الا عبر السوشيال ميديا من تيك توك ويوتيوب وفيس بوك وتويتر وانستجرام وغيرها مما يستجد يوميا ..
هذه هى الحقيقة التى يعرفها معظم الزملاء فيما بينهم .. وقلتها شخصيا بالصوت والصوره مئات المرات طوال ربع قرن ..
فهل نمتلك شجاعة البدء فورا فى مواكبة العصر ونحول كل كيان اعلامي خاسر إلى ناجح ومؤثر .. ام نظل نعاند ونكابر ونشارك فى جريمة اهدار مال عام وخاص دون أى عائد مادى او ادبي او وطنى يذكر !!
واذا كان ذلك كذلك بحجة الحفاظ على الدخل المادى للزملاء وهذا مهم جدا بكل تأكيد .. فلنمتلك الشجاعة ونكتفى مثلا فى الصحافة الورقية بطباعة تابلويد غير فاخرة لأعداد معقولة من النسخ نضمن توزيعها قبل طباعتها .. ونوفر ماينفق على طباعة وتوزيع ملايين النسخ التى تعود الينا كمرتجع يباع فيما بعد بالكيلو لبائعى الفول والفلافل .. والمخلل ..!!!