بقلم: خالد سالم
في ظهيرة مشبعة بالهدوء الكاذب، كانت مدينة العاشر من رمضان تمارس روتينها المعتاد…
سيارات تعبر، أقدام تتحرك، وأصوات الحياة تتداخل كأنها لا تعرف أنها على بُعد لحظات من القيامة.
فجأة، انشقّ الصمت عن صرخة نار.
سيارة اشتعلت فجأة داخل محطة البنزين في المجاورة 70…
لهب يأكل المعدن، دخان يبتلع السماء، والناس يركضون كأن الأرض انشقّت من تحتهم.
كل شيء كان يصرخ:
الوقت انتهى.
الهروب مستحيل.
الموت قادم.
لكن وسط الهلع،
وفي لحظة لا تحتمل التفكير،
خرج رجل من بين الجموع كأنه خُلق للحظة بعينها.
الأسطى خالد عبد العال،
ابن الدقهلية،
لم يسأل عن اسمه ولا عن مصيره…
بل سأل النار: “فين اللي محتاج يطفيك؟”
لم يلبس بذلة إطفاء، ولا درع حديد،
بل ركب قلبه كما يركب فارس حصانه…
وتقدّم.
دخل وسط النار،
أصابعه تشتعل، أنفاسه تختنق، عينه لا ترمش، ويداه تمسك المقود.
ركب السيارة المشتعلة وكأنها سفينة تطوف على لهب،
ثم قادها بسرعة خارقة بعيدًا عن المحطة،
بعيدًا عن الوقود،
بعيدًا عن الأطفال الذين كانوا ينتظرون والدهم في الزاوية.
وفي اللحظة التي توقّع فيها الجميع الانفجار،
انفجر الصمت… بانبهار.
العربية أصبحت خارج المحطة.
المكان نجا.
والأرواح بقيت.
الناس كانوا شهودًا،
لكن خالد كان القصة.
لم يكن بطلاً من ورق،
بل رجل من نار ومروءة…
رجل لم يدرس فنون الإنقاذ،
لكنه خريج مدرسة “الضمير المصري” التي لا تعترف بالفرار وقت الشدة.
تحية فخر واحترام لرجل لم ينتظر تصفيقًا،
ولا يعرف معنى أن “يحسبها”…
لأنه ببساطة، حسبها بدمه.