في كل مرة يشن فيها العدو الصهيوني عدوانه الغاشم على أرض عربية، يعود جرحنا ليفتح من جديد. نُفجع بالشهداء، نرى الدمار، ونسمع صرخات الثكالى، ولا نملك إلا أن نقول: لن ننسى، ولن نغفر.
من فلسطين إلى لبنان، ومن سوريا إلى العراق، يد العدو واحدة، وجه العدوان لا يتغير، والخطط دائماً تحمل نفس الطابع الإجرامي: قتل، تهجير، تدمير ممنهج لكل ما هو عربي، وكل ما يمتّ للهوية والكرامة بصلة.
لكننا لسنا ضحايا ذاكرة قصيرة.
نحن أمة تعرف جيداً من هو عدوها، ونعلم أن معركتنا معه ليست فقط عسكرية، بل حضارية وثقافية وإنسانية أيضاً. فالعدو الصهيوني لا يقتل الجسد فحسب، بل يسعى لاغتيال الحلم، وتشويه التاريخ، ومحو الهوية.
هل نسي العالم مدرسة بحر البقر؟
ذلك اليوم المشؤوم في 8 أبريل 1970 حين قصفت طائرات العدو مدرسة ابتدائية في قرية مصرية مسالمة، لتُسفك دماء أطفال أبرياء وهم يحملون كتبهم وأحلامهم الصغيرة. لم تكن جريمة ضد مصر فقط، بل ضد الإنسانية كلها.
وهل نُسي محمد الدرة؟
ذلك الطفل الفلسطيني الذي احتمى خلف والده من رصاص غادر، ورأى العالم كله مشهد اغتياله على الهواء مباشرة. كان محمد رمزًا لكل طفل عربي يُولد في زمن القهر، ويُقتل في صمت عالمي مخزٍ.
لن نغفر اغتيال الطفولة، لا في بحر البقر ولا في شوارع غزة، ولا تحت جدران القدس، ولا على صدور الأمهات في جنين.
لكننا، رغم الألم، لا نضعف.
ففي كل بيت عربي شهيد، وفي كل قلب عربي ثائر، وفي كل أم عربية صابرة، يولد جيل جديد لا يعرف الهزيمة، ولا يركع إلا لله.
نحن لا ندعو للحقد، ولكننا نؤمن أن الذاكرة سلاح، وأن من ينسى ماضيه، يُسحق مستقبله. لهذا، سنحفظ وجوه الشهداء، وسنردد أسماء المدن التي احترقت، وسنكتب القصائد عن كل بيت هُدم، وعن كل طفل قُتل، وسنعلّم أبناءنا أن العدو لا يرحم، وأن الوحدة هي الطريق، وأن الكرامة لا تُسترد إلا بالقوة والوعي والمقاومة.
لن ننسى، ولن نغفر…
وستظل فلسطين في القلب، إلى أن تعود.
بقلم: خالد سالم
كاتب وإعلامي مصري