في ظل ما تشهده المجتمعات من تحولات سياسية واقتصادية واجتماعية، تبرز الحاجة الملحة للتغيير والتجديد في الهيئات التشريعية، وعلى رأسها مجلس النواب ومجلس الشورى. إن بقاء نفس الوجوه البرلمانية في مواقعها لفترات طويلة دون إحداث فارق حقيقي في حياة المواطن، يطرح تساؤلات مشروعة حول جدوى استمرارهم في مواقعهم، ومدى تمثيلهم الفعلي لهموم الشعب وآماله.
فسح المجال لدماء جديدة
إن انسحاب بعض النواب الحاليين، وامتناعهم عن الترشح مرة أخرى، يُعد خطوة شجاعة تصب في مصلحة الوطن، وتفتح الباب أمام شباب وكفاءات جديدة ربما تحمل رؤى مختلفة وحلولاً مبتكرة لمشاكل مزمنة ظلت دون حل. ففي ظل التحديات المعقدة التي يعيشها المواطن، لا يكفي أن يكون النائب حاضراً في البرلمان، بل يجب أن يكون حاضراً في ضمير الناس ومعاناتهم اليومية.
لعلهم ينصفون المظلومين
الآلاف من المواطنين البسطاء لا يجدون من يسمع صوتهم، أو يعبر عن أوجاعهم، خاصة في المناطق المهمشة والمحرومة. ربما تكون الفرصة التي تُمنح لنواب جدد هي الأمل الوحيد لهؤلاء، كي يجدوا من يمثلهم بصدق، لا من يزين الكلام بالشعارات فقط. إن النائب الحقيقي هو من يتحدث باسم الفقراء، لا باسم أصحاب المصالح، ومن يضع مصلحة الوطن فوق مصالحه الشخصية.
رسالة إلى الناخب: لا تنتخب أصحاب الأموال فقط
في كل انتخابات، تتكرر الظاهرة ذاتها: يستغل بعض المرشحين أموالهم ونفوذهم لشراء أصوات الناس، أو التأثير عليهم بطرق غير مشروعة. وهنا تقع المسؤولية الكبرى على عاتق الناخب نفسه. فالصوت الانتخابي أمانة، لا يُمنح لمن يملك المال فقط، بل لمن يستحقه، لمن يكون قريبًا من الناس، صادقًا في وعوده، ومخلصًا في عمله.
على الناخب أن يطرح على نفسه سؤالًا بسيطًا: “هل هذا المرشح يمثلني؟ هل يمكن أن أدخله بيتي وأشكو له همّي؟” فإن كانت الإجابة لا، فلا يجوز منحه الصوت، مهما كان غنياً أو مؤثراً.
في الختام
التجديد في البرلمان ليس استهدافًا للأشخاص، بل دعوة لإحياء الأمل. فالمواطن ينتظر من يمثله لا من يستغله، ويحتاج إلى من يُنصفه لا من يُهمل صوته. فلنفتح المجال أمام طاقات جديدة، ولنتحمل مسؤوليتنا كمواطنين في اختيار من يستحق، لا من يدفع.