بقلم الاعلامي خالد سالم
في لحظة فارقة من عمر الإعلام المصري، جاء تعيين الكاتب الاعلامي أحمد المسلماني رئيسًا للهيئة الوطنية للإعلام كرسالة واضحة: حان وقت الإنقاذ. فالتحديات التي تواجه “ماسبيرو”، القلعة العريقة وصاحبة التاريخ، لم تعد تحتمل التأجيل، وكان لا بد من قيادة تمتلك العقل والرؤية والجرأة. والمسلماني، بما له من تجربة إعلامية وثقافية واسعة، جاء في التوقيت الأصعب، لكنه بدأ بخطى واثقة.
تحديات كبرى… ومسؤولية وطنية
ليست التحديات التي تواجه ماسبيرو مجرد مشكلات إدارية أو فنية، بل هي معارك متراكمة على جبهات عدة:
زيادة دعم الدولة لماسبيرو
ملف تطوير الإدارة والشاشات والإذاعات بات ضرورة لا خيارًا، فالإعلام التقليدي لا بد أن يتناغم مع متغيرات الإعلام الرقمي، ويخاطب الجمهور بلغته الجديدة.
اضافة منظومة لادارة موارد الهيئة و تنوع مصادر الدخل
من تأجير استوديوهات و معدات و خدمات و اعلانات و انتاج برامج و مسلسلات و الحفلات
و اعاده مسرح التلفزيون
و اكتشاف المواهب
و برامج المسابقات و الافلام التسجيلية و الروائية
مواكبة الإعلام الجديد من حيث الشكل والمضمون والمنصات هي معركة وجود، لا يمكن أن تُخاض بأدوات الماضي، بل بعقول مؤهلة ورؤية تكنولوجية حديثة.
ملف المكافآت ونهاية الخدمة يمثل أزمة إنسانية بقدر ما هو إداري، إذ يعاني كثير من المحالين إلى المعاش من تأخر مستحقاتهم، ما يتطلب معالجة عادلة وسريعة تحفظ كرامتهم وتقدّر سنوات عطائهم.
الرعاية الصحية للعاملين، خاصة في ظل الظروف الاقتصادية الحالية، تمثل أحد الملفات العاجلة التي تحتاج إلى تدخل مباشر لضمان حياة كريمة لمن هم في قلب المنظومة الإعلامية.
رغم قصر الفترة التي تولى فيها أحمد المسلماني منصبه، إلا أن تحركاته السريعة البناءه أعطت إشارات إيجابية:
بإطلاق رؤية تطويرية شاملة، تعيد هيكلة المحتوى والشاشات والإذاعات.
يسعى في اتجاه إعادة تقييم الأصول وتنمية الموارد، بما يخفف العبء المالي عن الدولة ويمنح الهيئة استقلالية تدريجية.
شرع في ضخ دماء جديدة في الصفوف الوسطى والعليا، مع إعطاء الفرصة للشباب، وفتح ملفات التدريب والتأهيل بقوة.
أعاد ملف الدعم المالي وتنمية الموارد إلى طاولة الأولويات، باعتباره الحل الوحيد لتطوير هذا الصرح العظيم، من خلال استثمار أصول ماسبيرو وتحويلها إلى موارد مستدامة، وتطوير شكل الإعلان والرعاية، والدخول بقوة في عالم الإنتاج المشترك والمنصات الرقمية.
رؤية مفكر… ومشروع إنقاذ
ما يميز المسلماني أنه لا يرى الإعلام مجرد مهنة أو وظيفة، بل مشروعًا ثقافيًا وسياديًا. وفي ضوء ذلك، بدأ بناء استراتيجية حقيقية لإعادة الثقة بين ماسبيرو والمواطن المصري، من خلال إعلام يعبّر لا يُملى عليه، يشرح لا يوجّه، يواكب لا يكرر.
ماسبيرو، القلعة التي صاغت وجدان العرب لعقود، يمر اليوم بأصعب مراحله. لكن وجود أحمد المسلماني على رأس الهيئة الوطنية للإعلام يمنحنا الأمل بأننا أمام بداية جديدة، قائمة على الفكر والعمل، لا على الشعارات. فالمسؤولية ثقيلة، والمشكلات متراكمة، لكن التاريخ أثبت أن من يمتلك الرؤية والإرادة، يملك مفتاح النهوض. فهل نشهد على يديه عودة ماسبيرو إلى صدارة المشهد؟
نتمنى لماسبيرو و للمسلماني
كل التوفيق
